الإقتصاد الجزائري
________________________________________
المقدمة.
المبحث الأول : مفهوم وتطور الاقتصاد الجزائري.
• المطلب الأول : مفهوم الاقتصاد الجزائري.
• المطلب الثاني : نشأة وتطور الاقتصاد الجزائري.
المبحث الثاني : الإصلاحات الاقتصادية في الجزائر.
• المطلب الأول : أهم الإصلاحات الاقتصادية المعتمدة في الجزائر.
• المطلب الثاني : آفاق الاقتصاد الجزائري في ظل التحولات الاقتصادية العالمية الراهنة.
المبحث الثالث : الجزائر والشراكة الاقتصادية.
• المطلب الأول : مفهوم وأشكال الشراكة الأجنبية في الجزائر.
• المطلب الثاني : أسباب اللجوء إلى الشراكة والأهداف المنتظرة منها.
• المطلب الثالث : ملف انضمام الجزائر إلى المنظمة العالمية للتجارة.
الخاتمة.
المبحث الأول : مفهوم وتطور الاقتصاد الجزائري
المطلب الأول : مفهوم الاقتصاد الجزائري.
الاقتصاد الجزائري ريعي (Economie de rente) ومصدره الأساسي المحروقات مما نتج عنه في بنية الاقتصاد الجزائري باستثناء الحصة الإيجابية على مستوى عائدات النفط.
وهذا التخلف في البنية راجع إلى السوق الموازية (20% 25% من الناتج الداخلي الخام) والتأخر المسجل في مجال القطاع البنكي والمصرفي الذي لا يزال يشكل نقطة سوداء في الاقتصاد الجزائري، مما يعني ضعف جاذبية بنته للاستثمارات الأجنبية رغم نقاط القوة التي تعرفها الجزائر، فإلى جانب إمكانية اختفاء العديد من القطاعات الإنتاجية الجزائرية فوجب تصحيح الإختلالات المسجلة وتشجيع الشفافية وعصرنة الهياكل والمنشآت، فتحرير الاقتصاد في هذا الوضع سيؤدي إلى تجميع الثروات والقطاعات الحيوية في عدد قليل من الاحتكارات.
والتركيز على إصلاح المنظومة البنكية التي تمثل نقطة ضعف في الاقتصاد الجزائري، ويشيد الخبراء الاقتصاديون الجزائريون على ضرورة وقف نزيف الإطارات وهروب الأدمغة نحو الخارج، فتقدر خسائر الجزائر بأكثر من 8 ملايير دولار جراء هذا النزيف.
ففي ظل هذه المستجدات تسعى الجزائر إلى وضع إستراتيجية اقتصادية واجتماعية وهذا بالتعاون مع البنك العلمي على المدى المتوسط وفق ما يطلق عليه (country-assistance strategy).
فالجزائر مطالبة بالتكتل إقليميا، سواء في إطار اتحاد المغرب العربي أو السوق العربية المشتركة، قصد تكوين قوة توازن اقتصادية وسياسية مستقبلا، فالنموذج الأوربي خير مثال على التكتل الاقتصادي.
فرغم تحقيق الاقتصاد الجزائري نسبة نمو تقدر بـ: 68% سنة 2003م اعتبر المجلس الوطني الاقتصادي والاجتماعي أن هذه النسبة تعد استثنائية وهذه الأخيرة كانت وراء تدعيم التوازنات الكبرى واستقرار الأسعار وإنعاش سوق العمل مما يعني أن هذا الاقتصاد يشكل خطرا ومساما بالاقتصاد الوطني وأوصي بضرورة وضع مخطط على المدى المتوسط لدعم النمو الاقتصادي وإعادة تنشيط الورشات الكبرى للأشغال العمومية وتنفذ الإصلاحات حتى لا تضيع الديناميكية التي تولدت عن برنامج الدعم الفلاحي وبرنامج الإنعاش الاقتصادي.
فاليوم أصبح انتهاج النموذج التصديري (تحول الاقتصاد الجزائري إلى اقتصاد تصديري Economie Exportatrice خاصة قطاع المحروقات) أمر لا يستهان به، وهذا ما سيؤدي إلى تحقيق التنمية المستدامة من خلال الوصول والحفاظ على نسبة نمو اقتصادي عالي على المدى الطويل من خلال الاعتماد على المعرفة العلمية والتقنية أو ما يسمى بـ : Intelligentsia.
المطلب الثاني : نشأة وتطور الاقتصاد الجزائري.
عرف الاقتصاد الجزائري منذ الاستقلال تغيرات عدة ساهمة بشكل كبير في تغيير المفاهيم والإيديولوجية وكذا الإستراتيجية وبالتالي تغير القرارات والأنظمة، وتعتبر المؤسسة الاقتصادية الجزائرية بمختلف قطاعاتها القلب النابض للاقتصاد الوطني، بالرغم من أنها كانت ولازالت مختبرا للعديد من التجارب والأنظمة المستوردة.
إن الواقع الحالي للتسيير في الاقتصاد الجزائري يلزم علينا الرجوع إلى الحقيقة التاريخية الماضية لتفسير الوضعية المتوصل إليها حاليا، لذا سنحاول من خلال مداخلاتنا أن نتطرق إلى المحاور التالية:
الفرع الأول : مرحلة التسيير الذاتي للاقتصاد الجزائري.
خرجت الجزائر من الحرب 1962م واقتصادها شبه مدمر، فبعد الاستقلال غادر العاملين بالإدارة والمراكز الحساسة مناصبهم (90% معمرين وأجانب) تاركين المؤسسات والإدارات مهملة، حيث غادر خلال 6أشهر 800ألف شخص، وكان القصد من وراء هذا الهروب خلق مشاكل أمام الدولة الجزائرية المستقلة حديثا إضافة إلى المشاكل الموضوعية التي كانت تواجههم كالبطالة (تفوق 70%)، الفقر، التهميش، الأمية (98%) ...الخ ضعف القطاعات الصناعة، الزراعة والتجارة شبه مدمرة.
إن نمط تسيير الاقتصاد الوطني وإستراتيجية التنمية الاقتصادية التي يجب إتباعها كإحدى اهتمامات قادة الثورة بالرغم من التوجه والصورة التي لم تكن واضحة حول نموذج التنمية لكن في مؤتمر طرابلس بدأت ملامح هذا النموذج تسيير نحو التوجه لإعطاء الأولوية لقطاع الفلاحة واعتباره محرك القطاعات الأخرى، وكذا تقليص الملكية الخاصة وتشجيع الشكل التعاوني، هذه الخطوة تأكيدا لنمط التسيير الاشتراكي للاقتصاد الوطني.
خلال هذا الوقت حاول العمال على اختلاف فئاتهم وقدراتهم ملء الفراغ الذي تركه المسيرين الأجانب بهدف حماية الاقتصاد الوطني ومواصلة العملية الإنتاجية في المؤسسات قصد مواجهة احتياجات المجتمع، وهذا التجاوب من طرف العمال سهل عملية تجسيد التسيير الذاتي للاقتصاد.
إن فكرة التسيير الذاتي لم تكن وليدة تفكير عميق، وإنما كانت استجابة عفوية لظروف اقتصادية سياسية واجتماعية معينة فرضت العمل بهذا النمط حيث وصل عدد المؤسسات الصناعية في سنة 1964م إلى 413 مؤسسة كانت تسير ذاتيا، وأغلبية هذه المؤسسات تتميز حجمها. إن منهاج التسيير الذاتي لم يدم طويلا حتى بدأ العمل على التقليل من انتشاره وما قرارات التأمين إلا تأكيد على ذلك، وقد عرفت الجزائر بعد تاريخ 19 جوان 1965م تغييرا حقيقيا، حيث بدأتها بمرحلة التأميمات لقطاع البنوك والمناجم في سنة 1966م، قطاع المؤسسات ما بين 1966م و 1970م قطاع المحروقات 24 فبراير 1971م.
تزامنا مع مرحلة التأميمات بدأ متخذو القرار في التفكير في خلق شركات وطنية، ففي سنة 1965م مثلا تأسست كل من الشركة الوطنية للنفط والغاز، الشركة الجزائرية للحديد والصلب، الشركة الوطنية للصناعات النسيجية، الشركة الوطنية للتأمين، إن هذه الشركات وغيرها اعتبرت آنذاك كأدوات أساسية لتحقيق إستراتيجية التنمية وخلال فترة أصبحت هذه الشركات لا تستطيع حصر أهدافها والتي كانت محددة ومسطرة من قبل الجهاز المركزي والوصاية لأن هناك أهداف أخرى تتعارض وطبيعة نشاطها بسبب عوامل عدة من بينها:
• قلة الإطارات ونقص الخبرة.
• تلبية المطالب الاجتماعية.
• خلق شروط الاستقرار السياسي.
وفي هذه المرحلة كانت أهداف الاقتصاد الوطني غير محددة حسب قانون العرض والطلب وإنما حسب منطق الخطة الاقتصادية الموضوعية، وهذا ما جعل التحكم في عملية التصنيع واتخاذ القرارات يتم خارج الشركات الوطنية من قبل الجهاز المركزي وهذا ما دفع بالسلطة إلى تغيير نمط آخر للتسيير.
الفرع الثاني : مرحلة التسيير الاشتراكي للاقتصاد الجزائري.
جاءت مرحلة التسيير الاشتراكي للاقتصاد والتي تعتمد على أساس النظام الاشتراكي الذي يرتكز على الملكية العامة لوسائل الإنتاج وتدخل الدولة، والتخطيط المركزي وتحقيق المصلحة العامة، وأن يكون العمال طرفا مهما في تسيير ومراقبة هذه الشركات، وبالتالي أصبح العامل يتمتع بصفة (المسير، المنتج).
إن العجز المالي الإجمالي الذي عرفته المؤسسات الاشتراكية خلال هذه الفترة واضح إذ أنه ارتفع من 408دج سنة 1973م إلى مليار و880دج في 1978م ومنه يظهر اتساع العجز، حسب هذا نكتشف بأن المؤسسة لا تعيش بفائض مالي محقق ولكن بكشوفات بنكية عادة ما يصدم التطور الاقتصادي بندرة الموارد المالية التي تحدد من إنتاج المواد البسيطة كمواد البناء.
هذا ما يوضح لنا أن تطور الإنتاج يكون مرتبط بالجهد المبذول من طرف جماعة مهما تكن مرفقة بتزايد إنتاجية العامل إذ أن معدل استعمال القدرات الموضوعية في سنة 1980م هي ما بين 60 و70 في الصناعة و بين 40 و50 في الإسكان بسبب تطور ارتفاع الإنتاج ما بين الشك بتساوي التسيير الاشتراكي والتزايد في الإنتاج أي أن تسيير المؤسسات لم يكن يهم نمط التسيير السليم من أجل زيادة الأرباح